(وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ)! ثم وكيف يرسل الله من يعارض أمره!
أم حفظا لعباد الله بأمر الله؟ وهنا (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) دون «بأمر الله»!
بل حفظا صادرا من أمر الله ، كما الحفظة هم أنفسهم من أمر الله ، حيث المناحرة لأمر الله هي حفظ عن أمر الله لا (مِنْ أَمْرِ اللهِ) ثم و «بأمر الله» تختص بحفظهم دون أنفسهم ، ولكن (مِنْ أَمْرِ اللهِ) تتعلق بالكائن المقدر كما ب «يحفظونه» فالمعقبات هم له تعالى ، وهم من أمره تعالى (١) ، ويحفظون عباده صادرين في حفظهم من أمره تعالى فهم في مثلث الرباطات بالله لا يملكون لأنفسهم أمرا إلّا بالله.
فكما الروح من أمره يحمل أمره : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) (٤٢ : ٥٢) (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (٤٠ : ١٥) كذلك الحفظة المرسلون من عنده هم في أنفسهم من أمره ، يحملون أمره ليحققوا أمره ، فلا أجمل ـ ـ إذا ـ ولا أجمع هنا من (مِنْ أَمْرِ اللهِ)!
فهؤلاء المعقبات ـ وهم من أمر الله وفعله وارادته ومشيئته ـ هم لله صادرين ، وهم للناس واردين (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) تعبيرا عن جميع جوانبه بروحه وجسمه ، حيطة شاملة كاملة لا تبقي منهم شيئا ولا تذر إلّا تحت الرقابة والنظر «يحفظونه» بحفظ الله وفي رعاية الله ورقابته (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) (٣٣ : ٥٢) يحفظونه عن الطوارئ المتواترة المتواردة عليه ، الغائبة والشاهدة لديه ، التي لا يقدرون عليها ، وكما «يحفظونه» في أعماله وأقواله وكل أحواله ، حفظا صادرا (مِنْ أَمْرِ
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٤٧ اخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله تعالى : (له معقبات) قال : الملائكة من امر الله.