(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ)(١٢).
البرق ظاهرة كونية باهرة مبشرة أحيانا وقاهرة أخرى ، قد تخافونها لأنها بنفسها ورعدها تهز الأعصاب وترعد الأسماع ، فقد يتحول إلى صاعقة العذاب الهون ، أم تنذر بسيل مدمّر أم طوفان مزمجر ، وأخرى مبشرة بهاطل المدرار المجري للأنهار ، أم تجمع بين التبشير والإنذار حيث تبشر جماعة يحتاجون المطر ، وينذر من يتضررون بالمطر ، فأنتم تعيشونها خوفا وطمعا ، كما (وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) محّملة حمل الماء ليرسل عليكم مدرارا وغير مدرار.
والسحاب تاتي جمعا كما هنا وفي الأعراف : (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً ..) (٥٧) وواحدها سحابة ، أم مفردا اسم جنس كما في سائر القرآن (١).
ثم «يريكم» يلمح بوجود البرق قبل إرائته في كمون الكائنات ومنها السحاب المسخرة في جو السماء ، فتعم البرق المصطنع المخترع ، فالبرق كامن في كل كائن ، قد يريه الله إيانا دون وسيطنا كما في سائر البرق ، وأخرى بوسيطنا كما في الكهارب المخترعة ، فهنا إراءة بما نسعى ، وهناك نراه ولا نسعى ، وتجمعهما إراءة الله ، كما وهو من خلق الله.
فليس البرق ـ أيا كان ـ ليخلق باصطكاك وسواه ، وإنما يظهر بعد
__________________
(١) «السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ» (٢ : ١٦٤) و «سَحابٌ مَرْكُومٌ» (٥٢ : ٤٤) «يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ» (٢٤ : ٤٣) «فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ» (٣٠ : ٤٨) «فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ» (٣٥ : ٩).