خفاءه بما يظهره إلهيا بأسبابه غير الشاعرة ، كالسحاب وسواه ، أم بأسباب شاعرة كالإنسان وسواه ، فكله من إراءة الله كما الكل من خلق الله.
وكذلك السحاب ثقالا وغير ثقال كلها مما أنشأها الله ، بما يسحبه هو من أبخرة أرضية ولذلك يسمى السحاب ، أم يسحبه إنسانه أم سواه فيصطنع سحابا موضعية لحاجة شخصية أماهيه.
فمن السحاب ثقال هي ركام مؤلفة من خفافها المزجاة من الأبخرة : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) (٢٤ : ٤٣).
ومنها خفاف لا تحمل ماء حاضرا إلّا بعد ما تؤلّف فتصبح ركاما ، وعلى أية حال فإنشاء السحاب الثقال هو من فعل الله ، سواء دون وسيط عاقل محسوس كما في سائر السحاب ، أم بوسيط الإنسان وسواه كما حصل أخيرا بتعملات علمية جاهزة.
ومن غريب التكوين اللّامح إلى قريب المكون الحكيم ، إراءة البرق باصطكاك السحاب خفافا وثقالا ، فإنها أبخرة الماء ، والماء يناحر النار فكيف تطلع منه نار ، سبحان الواحد القهار ، أفلا يدل ذلك الصنع العجاب على تقصّد وإرادة حكيمة وراء الكائنات كلها؟!.
إنه يريكم البرق من أبخرة الماء ، كما النار من الشجر الأخضر (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) (٣٦ : ٨٠).
وقد تلمح (وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) بعد (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ) أن إنشاء السحاب الثقال من موارد إراءة البرق ، ففي تأليف خفاف السحاب اصطكاك بينها تلاحقا وتجمعا ركاما ، كما في اصطكاكها ركاما برق وبرق ،