فحمده بأنه عليم حي قدير ، يفصحه تسبيحه عن علم من سواه وحياته وقدرته : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ..)
فكما الملائكة يسبحونه بحمده من خيفته ، كذلك الرعد وسائر الكائنات والحادثات الكونية حيث تثبت له صفات الربوبية ، تنزيها عن سائر الكائنات المربوبين ، وهذا من تسبيحها بحمد الله.
ولا نجد رعد القرآن إلّا هنا في الرعد مسبحا بحمده ، وفي البقرة بصيّبه : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) (١٩) فالبرق هو النور البارق ، والرعد هو الصوت الخارق ، وهما من حصائل الاصطكاكات السحابية والتفريغات الكهربائية.
وفيما يروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو «ملك من ملائكة الله موكل بالسحاب بيديه مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمره الله ..» (١) والتعبير عن القوات الكونية وحادثاتها بالملك ، علّه للإشارة إلى أنها مقصودة مدبّرة دون فوضى جزاف.
ولماذا يتقدم تسبيح الرعد بحمده على تسبيح الملائكة من خيفته واين تسبيح من تسبيح؟ علّه للتأشير إلى أن الكون كله يسبح الرب بحمده ، دون عقل وإدراك كما يزعمون ، ام بعقل فائق كما الملائكة الكرام يعقلون ،
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٥٠ ـ اخرج احمد والترمذي وصححه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابو الشيخ في العظمة وابن مردويه وابو نعيم في الدلائل والضياء في المختارة عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال : أقبلت يهود الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا يا أبا القاسم انا نسألك عن خمسة أشياء فان انبأتنا بهن عرفنا انك نبي واتبعناك فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على نبيه إذ قال : (وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) قال : هاتوا قالوا أخبرنا ـ الى ان قالوا ـ : أخبرنا ما هذا الرعد ، قال : ملك ..