فالكل له يسبحون ويسجدون طوعا او كرها ، والرعد من الطائعين مهما كان الكافر من المكرهين ، فانه يسجد بحمده بكونه ، مهما تخلف عنه في كيانه ، ولأن الرعد ـ كما البرق والصاعقة ـ هو من صكاك أجرام السحاب اللطيفة الطفيفة ، إذا فأصواته الصريخة تقوى بها الدلالة على عظيم قدرة الله المقدّرة وبعده عن شبه الخليقة المقدّرة ، وصفات البرية المدبّرة ، حيث الرعد إنما تغلظ أصواته ، وتعظم هزّاته ، باصطكاك السحاب الخفيفة ـ على كونها ثقالا بالمياه ـ معلقة بالهواء الرقيق ، فأين الرعد المرعد من خفيف وخفيف ، سبحان القدير اللطيف! فلو لا دعائم القدرة وسماكها ، وعلائق الجبرية ومساكها لما حمل عشر معشارها ولا استقل ببعض أجزائها.
ثم نرى انه على تثاقل أردافه وتعاظل التفافه ينفشّ انفشاش المتداعي ، والغثاء المتلاشى ، إن في ذلك لعبرة لأولى النهى ، حيث الرعد يسبح ـ هكذا ـ بحمده ، ويحمل المرتعدين أن يسبحوه بحمده ، حيث يضطرهم إلى تسبيحه عند سماعه ، مهما تغافلوا عنه قبل سماعه!
ثم الصاعقة وهي البرق الراعد الذي يصعق من يصيبه ، هي اشتداد البرق والرعد لحد يتجاوز جو السماء إلى ساكن الأرض ، كما الأحجار السماوية ، فإنها شهب قوية ونيازك نارية تقوى فتصيب شياطين الأرض ، كما تهدف شياطين السماء ، وكذلك الصاعقة : (فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٤١ : ١٧) (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ) (٢ : ١٩).
وهكذا نرى في ساير القرآن أن الصواعق لا تصيب إلّا الظالمين (٤ : ١٥٢) المعرضين عن الله وآياته (٤١ : ١٣) والعاتين (٥١ : ٤٤) والمتعنتين في الإيمان (٢ : ٥٥) دون سواهم ، فلا يعنى «من يشاء» هنا إلّا هؤلاء دون سواهم ، فقد «يموت المؤمن بكل ميتة إلا الصاعقة ، وهو