استكبار ، باختيار كسجود المؤمنين ، أم باضطرار كالكفار ، وسائر السجّد الذين ليس لهم ذلك الإختيار ، حيث الكره ما يحمل على المكره من خارج نفسه ، والكره من داخله ، ويقابلهما الطوع ، فهنا الكرة في السجود هو التكويني من خارج نفسه ، وهو إرادة الله تعالى المسيّرة لكل سائر إلى ما خلق لأجله ، المذللة المخضعة له أمام ربه ، ومنه الهدى التكوينية.
وسجدة الظلال ليست إلا كرها كما لغير المؤمنين ، وما أحسنها ذكرى للغافلين ، أن الظل ـ الذي هو في سجود الشخص وهو غير قائم بنفسه ـ إذا هو تابع له خاضع لديه بما مدّ الله على ضوء الشمس ، فبأن يكون الإنسان ظلا لربه ، وهو تعالى قائم بنفسه وعلى كل نفس ، ذلك أحق وأحرى! وقد تعني «ظلا لهم» ـ فيما تعنيه ، الأعمال الظلية غير الاختيارية ، فكما الأظلال لا خيرة لها في السجدة المختارة وغيرها ، كذلك هذه الأعمال كالنمو (١) وحركات القلب والنبض والدم وانهضام الغذاء في المعدة ، وسائر الحركات والسكنات غير الاختيارية ، فإنها خاضعة لإرادة الله ، وهي سجدتها لله ، والتخصيص بالغدو والآصال قد يعني شمول السجدة لأخص حالاتها الظلية المختارة.
فالظّلال : منفصلة كسائر الظلال ، ام متصلة وهي غير الاختيارية من الأفعال ، إنها ساجدة لله كرها ، كما السجّد المؤمنون يسجدون لله طوعا!
وقد يعني خصوص (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) أظهر مظاهر الظلال ، فقد تنعدم الأظلال أم تنقص في الظهيرة وسواها من أوقات النهار ، فهي كالساكنة دون حراك ملحوظ ، ولكنما الظلال في الغدو والآصال لها حراك ظاهرة يظهر معنى السجدة فيها في بعدي الظهور ، مهما كانت الظلال
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٤٦١ ح ٧٠ القمي في الآية قال : بالعشي ـ قال : ظل المؤمن يسجد طوعا وظل الكافر يسجد كرها هو نموهم وحركتهم وزيادتهم ونقصانهم :