الداعي أيا كان يطلب في دعاءه ماء الحياة وحاجياته المتطلّبة لبقائها ونضارتها وتكاملها ، فهو مجد في طلبه قدر الحاجة ، ورغم أن الطالب مجد ، والمطلوب ضرورة للحياة ، ولكنه ليس ليبلغ فاه إذ لم يطلبه من مبلغه ومبلّغه والطالب هو الطالب والماء هو الماء ولكنما النبعة غير النبعة ، نبعة فوارة من رحمة الله الواسعة ، وأخرى غائرة (كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٢٤ : ٣٩)(وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) وقد (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ).
(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) (١٥).
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ ، وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ، يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) (١٦ : ٥٠) (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) (٢٥ : ٤٥).
«من» في آية الرعد تلمح إلى ذوي العقول السجود ، من ملائكة أمّن هم في السماء ، ومن إنس وجان في الأرض ، ثم «ما» في آية النحل تعمّم السجود إلى كل دابة : أنهم سجّد لله لا يستكبرون ، ومدّ الظل في آية الفرقان يمده منهم ومن كل دابة إلى الكائنات كلها ، فكل حراك في ضوء الشمس او سكون ، يتبعه ظل لأي كائن دونما استثناء ، فقد تعني (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) في الرعد ما تعنيه «ما» في تاليتيها ، ولا سيما وان «كرها» تعم سجود التكوين وخضوع كل كائن أمام ارادة الله.
والسجود ـ ككل ـ هو غاية الخضوع والذل والانكسار دون أي