تقصيره أمام ربه خوفا من عقابه ولكنه لا يلبث بعيدا أن يلين جلده وقلبه إلى ذكر الله ، حيث يذكر عظمته ورحمته ، ويتصل قلبه بمعدن النور اللّامحدودة ، ويزيد نورا على نوره ، واطمئنانا على إيمان ، ورجاء ثوابه ، ف «من خاف الله أخاف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء».
إن القلوب الخالية عن الإيمان هي خاوية عن الاطمئنان ، فهي مضطربة طول الحياة النكدة الكافرة ، عمي عن نظارة النضارة بذكر الله (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٢٢ :) ٤٦).
فإن بغية الإنسان فطريا أيا كان هي الكمال اللّامحدود ، وليس إلّا الله ، فلا يصل إلى بغيته ما لم يتصل قلبه بالله ، والاطمئنان بذكر الله هو حقيقة مرموقة مرقومة على تلك القلوب المؤمنة بالله ، التي خالطت بشاشة الإيمان قلوبهم فاتصلت بالله ، وتلك الاتصالة المعرفية الإيمانية هي التي تطمئنها عن كل اضطراب تعيشه في الحياة الدنيا ، حيث الدنيا بزخارفها وحذافيرها ومحدودياتها لا تثبت القلوب عليها مطمئنة بها ، فالقلوب لهواها غير المحدود من الكمال المطلوب ، هي دائمة التنقّل من هذه إلى تلك حتى إذا وصلت إلى الله فترتكن إليه وتطمئن به حيث تجد فيه بغيتها المرموقة المطلوبة ، فلا تهوى بعد تنقّلا وتبدّلا ، إلا تأنقا وتعمقا في هذه الركينة العالية الذروة ، واتصالة فاطمئنانة أكثر وأكثر حتى تصل إلى مقام «أو أدنى».
فكل اتصالة بغير الله هي انفصالة عن الله ، فغربة واضطراب ، وكل انفصالة عما سوى الله هي اتصالة بالله وقربة واطمئنان.
وليس في الحياة أشقى ممن يخلد إلى الأرض وكان أمره فرطا ، راضيا