دائبة في كل الآباء والأمهات بالنسبة لصغار الأولاد ، فلا يحسدهم الكبار على ذلك فانه تودد الترحم والتعطف لمكان ضعف الطفولة! وانهم استندوا في ضلال أبيهم المبين إلى كونهم عصبة ، فهو ضلال مبين ـ إذا ـ في نسبة أبيهم إلى ضلال مبين ، حيث الأخ القوي الكبير لا يحسد الضعيف الصغير ، ولا يتوقع لنفسه حب الطفولة كما للصغير ، إلّا إذا غرب عقله وطفلت نفسه وهذه مهانة بارزة .. وكلّ يذكر طفولته ورجاحة المودة الأبوية فيها ، فليسا هما بدعا من الإخوة الأطفال ينحو نحوهما الوالد الرحيم ويحنو لهما أكثر من العصبة ، فهو ـ إذا ـ صراط مستقيم في جو العائلة وليس من الضلال المبين!
إنما ذلك كان حبا زائدا فوق رحمة الطفولة ، حب يكشف عن لباقة زائدة فيهما ومستقبل زاهر ليس فيهم ، حب دائب يزيد على مرّ المزيد من عمرهما ، ولا سيما يوسف لمكان رؤياه تلك التي أوّلها باجتباء وعلم وتمام النعمة ، وقد نستلهمه من لام البداية التأكيد (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ) مما يلمح بدوام ذلك الحب دون زوال.
فقد كان حبا يتخطى رحمة الآباء على الأطفال ، ويحلّق على كل حب في كل مجال ، فإنه ـ فقط ـ حب رسالي في الله ، وبأمر الله ، دون الحب السائر الدائر قضية الأنساب والأسباب ، إلّا سببا إلهيا يحلّق على كافة الأسباب! فهو حب رسالي لا أبوي!
ذلك الحب الجذري اللائح لهما ، الدائب فيهما ، هو الذي يجعلهم يحسدونهما ، لحدّ المكيدة في قتل الأحب منهما.
أتراه كان بإمكانه إخفاء ذلك الحب اللائح في مقاله وحاله وأفعاله ، ولكي يحافظ على محبوبه ، كما هو الأصلح في الحفاظ على المحبوب؟.