تلكم الأسطورات التي تسوّد وجه النبوات وتعارض كافة المقاييس والله منها براء!
يوسف منذ نبئ كان يرى برهان ربه والبرهان هو آكد الأدلة وأوضحها وأثبتها ، من بره يبره إذا ابيض دون مخالطة ، فهو هنا العصمة الإلهية ، والحضور التام عند ربه ، دونما غفلة ولا لحظة ، ولا سيما في مواضع الزلة ، و «لو لا ..» تحيل له عدم الرؤية ، وبالنتيجة تحيل همّه بها ولبرهان الرب مراحل ثلاث ولكلّ درجات ، علم اليقين ـ عين اليقين وحق اليقين ، فحقه لا يخالطه أيّ شك وباطل ، ولقد رأى يوسف درجة من حق اليقين ، وكما تطلّب إلى ربه درجة أعلى منها لما ابتلي بكيد نسوة في المدينة : (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ..).
في مرحلة حق اليقين تتحلى حقايق الأشياء دون ستار ، منخلعة عن صورها المستعارة ، وكما يروى في اجابة الصديق عن همها (١).
وانما يحسن (وَهَمَّ بِها) ولن يهم ، تلويحا بأن الأسباب العادية تمت في همّه بها ، حيث القمة القاضية من تجاذب الجنس حاضرة ، ولكنه حيث
__________________
(١) في تفسير روح البيان ١٢ : ٢٣٦ روى عن ابن عباس كان يوسف ... فقالت له يا يوسف انما صنعت هذا البيت المزين من أجلك فقال يوسف يا زليخا انما دعوتني للحرام وحسبي ما فعل بي أولاد يعقوب ألبسوني قميص الذل والحزن يا زليخا اني أخشى ان يكون هذا البيت الذي سميته بيت السرور بيت الأحزان والثبور وبقعة من بقاع جهنم فقالت يا يوسف ما احسن عينيك! قال : هما أول شيء يسيلان الى الأرض من جسدي ، قالت : ما احسن وجهك! قال : هو للتراب يأكله ، قالت ما احسن شعرك قال : هو اوّل ما ينتشر من جسدي ، قالت ان فراش الحرير مبسوط فقم فاقض حاجتي قال : إذا يذهب نصيبي من الجنة ، قالت : ان طرفي سكران من محبتك فارفع طرفك الى حسني وجمالي ، قال : صاحبك أحق بحسنك وجمالك مني ، قالت هيت لك!.