(قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ...)(٢٦).
دفاعا عن نفسه بأقل الواجب ، وليس فيه تأكيد من قسم وسواه ، ولا تملق او تعلق بأمر سواه ، تدليلا على طمأنينة أمينة في نفسه ، وهكذا يكون البريء الأمين ، لا يقول إلا صراح الحق ، دون تشبثات بخلاف الحق.
(... وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(٢٧).
أترى العزيز كان مكفوف البصر ليحتاج بيان الموقف إلى شاهد يشهد بما هو مشهود لكل ذي بصر؟ كلّا ، ولكن المنظر المفاجأ ما كان ليفسح مجالا لفحص ونظر ، حيث يرى صاحب البلاط صاحبته في ذلك المنظر الرهيب مما يريب ويهيب ، فكان ـ ولا بد ـ لبراءة يوسف الصديق من خارقة تجلب النظر ، فعلّه لم يسمع كلام يوسف ، أم لم يحلّ محله في سمعه ، فمدعية ـ هي عزيزته وكريمته : أنها هتكت في غيبه من فتاه ، ومنكر لم يأت بشيء إلّا دعوى خالية وجاه دعواها ، وطبيعة الحال قاضية أنها القاضية الماضية في دعواها ، أم ـ ولأقل تقدير ـ يبقى الموقف مريبا مترددا.
هنا قد نصدّق الرواية القائلة أن الشاهد كان طفلا في مهده وهو من أهلها (١) وقد كانت شهادة مثلثة : رضيع يشهد ، وهو من أهلها ،
__________________
(١)ىفي الدر المنثور ٤ : ١٥ ـ اخرج احمد وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس عن النبي (ص) قال : تكلم اربعة وهم صغار ابن ماشطة فرعون وشاهد يوسف وصاحب جريح وعيسى بن مريم ومثله دون اسناد اليه (ص) عن سعيد بن جبير وفي نور الثقلين ٣ : ٤٢٢ ح ٥٣ عن القمي حدثني أبي عن بعض رجاله رفعه قال قال ابو عبد الله (ع) لما همت به ـ الى ان قال في تفسير الآية ـ فألهم ـ