لم يكن يوسف في هذه المفاجئة الفاجعة ليسبق العزيز والعزيزة في شيء من بيان الواقعة ، لأنه خلاف الشرعة ان تبدى خطيئة مخفية ، وقضية الحال لو لا الإيمان أن يبدي ـ ولأقل تقدير ـ حياطة عليه وسياجا على مكيدة قد تكاد ، ولكنما الايمان قيد الفتك.
ونرى البادئ هنا صاحبة الجريمة ، تجد حاضر الجواب بكل مكيدة على السؤال الذي يهتف به المنظر المريب ، ولكنها بصورة عامة قد تحافظ فيها على عشيقها الذي شغفها حبا ، علّها تصل الى بغيتها فيه بعد ردح من الزمن ف : (قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) فلو أنها لم يكن لها فيه هوى لقطعت في حكمها بقتله ، أفتى مملوكا مؤتمنا على البلاط مكرما مثواه ، يمس من كرامة صاحبة البلاط؟ ولكنها حكمت أولا «أن يسجن» الظاهر في فترة دون «ان يكون من المسجونين» اللائح في ردح بعيد من الزمن ، ومن ثم تبين منها أن حكم السجن مكيدة لها عليه في حائطة : (وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ)(٣٢) وهنا (أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) علّه سياج على المكيدة ، وأن في إبهام العقوبة نوعا من الفرج ، وإن كان في «بأهلك» هياجا حارضا على مؤاخذته ، ولكنه من وجه آخر كان حيلة في صرفه عن مؤاخذتها ، ثم لها سبيل في صرفه عن مؤاخذة يوسف تلك الصعبة الملتوية القاضية عليه.
ا ترى يوسف البريء هنا يتفجر فيفجر في الجواب ، ويخرج عن نجد الصواب؟ كلّا! فلا يجهر إلّا بقدر من الواقع فيه براءة ساحته ، دون أن يدنسها أكثر مما كانت ، ولا كما كانت ، حيث اختار من ثالوث مكيدتها أولاها : (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها) وأما تغليق الأبواب ، وقولة «هيت لك» ومن ثم الاستباق ، فلا! ف :