هذه ثالوث المحاولات الإبليسية من العزيزة (١) ليوسف ، مراودة عن نفسه. ولمّا تفشل ، تتربع لرابعها توسلا الى القوة ، وأين لها وكيف تقوى على طغوى من حياته كلها تقوى :
(وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢٥).
إنّ هياجها الحيواني المسعّر دفعها إلى إعمال القوة في إطفاء الشهوة فلحقته بعد ما مسّكته وفرّ (وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ) مما يدل على إقبالها إليه فإدباره عنها.
فالقدّ هو الشق طولا والقطّ هو عرضا ، والإلفاء مباغتة اللّقاء خلاف الوجدان فانه لقاء مقصود محاول ، وسيدها ـ هنا ـ بطبيعة الحال هو العزيز ، فلم يقل : سيده او سيدهما ، إبعادا عن مزعمة أنه ربّه ، وتأييدا للمعنى من أن «انه ربي» هو الله لا سواه.
«واستبقاء» يوسف وامرأة العزيز «الباب» الممكن فتحها بعد غلقها ، أم يكسرها ويخرج نجيا ، وفي ذلك الاستباق يوسف يسرع إلى الباب فرارا عن كيدها وإصرارها ، وامرأة العزيز تسرع إليه لتأخذه ، والى الباب لتمنع عن فتحها ، ولما سبقها الى الباب أخذت قميصه ايقافا له عن الخروج قضاء لحيونة الشهوة ، ولكنه استمر في السباق (وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ) شقا في طوله «وألفيا» في مباغتة (سَيِّدَها لَدَى الْبابِ) وهنا انقلبت حركة المراودة والاستباق ، إلى موقف التحقيق في حيرة وبهرة من هؤلاء الثلاث.
__________________
(١) هي راودته ـ غلقت الأبواب ـ وقالت هيت لك.