وهكذا تقول الروايات الصادقة وفق القرآن كما يروى عن الامام الرضا (عليه السلام) قوله في تفسير آية الهمّ : «لقد همت به ولو لا أن رأى برهان ربه لهم بها كما همت به لكنه كان معصوما والمعصوم لا يهم بذنب ولا يأتيه ..» (١).
فبرهان ربه هو العصمة الإلهية التي يجعلها في مقام الحضور الدائب لدى الرب كما
يقول الامام الصادق (عليه السلام): «ما رأيت شيئا إلا وقد رأيت الله قبله وبعده ومعه وفيه» وليست المعصية إلّا عن جهالة وغفلة ، وساحة النبوة منها براء.
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٤١٩ ح ٤٢ عن عيون الاخبار في باب مجلس آخر للرضا (عليه السلام) عند المأمون في عصمة الأنبياء باسناده الى علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا (عليه السلام) فقال له المأمون يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى قال فما معنى قول الله عز وجل ـ الى ان قال ـ فاخبرني عن قول الله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) فقال الرضا (عليه السلام) ... ثم أضاف : ولقد حدثني أبي عن الصادق (عليه السلام) انه قال : همت بان تفعل وهم بان لا يفعل فقال المأمون لله درك يا أبا الحسن.
أقول الجملة الأخيرة في ظاهرها لا تلائم الآية بل تعاكسها ، ف «هم الا يفعل» بتتمة الآية (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) يجعله فعل حيث رأى برهان ربه ، ورؤية البرهان تدفع الهم دون ان تدفع الى الهم ، الا ان تؤول بانه تفسير النتيجة الحاصة عن (هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) فانتفى ـ إذا ـ همه بها الى همه الا يفعل وهو تأويل حسن.
واما المجلس الآخر عند المأمون عند الرضا (عليه السلام) في نفس الآية : فانها همت بالمعصية وهم يوسف بقتلها ان أجبرته لعظم ما تداخله فصرف الله عنه قتلها والفاحشة وهو قوله : (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) ، يعني القتل والزنا» فلا يلائم الآية حتى تأويلا بانه لم يهم بها كما همت بل هم بقتلها ، حيث القتل في نظائر هذه الموارد لا يجوز في الشرعة الإلهية ، غاية الأمر الا يستجيبها ويفر عنها كما فر.