مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٦)
تنزل هذه السورة كلها في مكة المكرمة ، في فترة محرجة موحشة من هذه الرسالة القدسية ، يعانيها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من الجاهلية الجهلاء القرشية ، تهريجا لجو مكة ضده ، وتحريجا لصاحب الدعوة ، ضربا وشتما وحصرا في شعب أبي طالب وفي النهاية تهجيرا الى المدينة ، فقد أحرجوه طيلة العهد المكي حتى أخرجوه ، فتقص له فيها أحسن القصص توطينا وتوطيدا لخاطره الشريف ، حين يسمع قصة أخ له من قبل يعاني صنوف المحن من إخوة له في النسب ، وهذا النبي يعاني المحن من قومه ، وعلى الجملة فإن هذه السورة ترسم له من قصصها صورة عسيرة من دعوة سابقة بين حاسدين يتربصون بها كل دوائر السوء ، وهي في ختامها يسيرة حيث يرجع صاحب القصة أميرا كبيرا بيده أزمة امور الملك بعد ما عاش ردحا بعيدا من زمنه عبدا صغيرا يشرى بثمن بخس دراهم معدودة ، ثم يزجّ في السجن في تهمة وقحة!
وكذلك أنت يا صاحب الرسالة القدسية ـ وبأحرى ـ فإن مع العسر يسرا ، سوف ترأس في مهاجرك دولة الإسلام ، ويصبح ختامك خير ختام بحول الله الملك العلام.
(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(٢).