يجرحن الطعام والفاكهة حتى يستبدلن أيديهن عنهما؟ فإنما تقطيع بديل تقطيع ، وصيغة التفعيل هي للتكثير ، كثرة في عدد عدد أيديهن ، وأخرى في قدد حيث قددن وشققن أجزاء من أيديهن كما تقطع الفاكهة ، وهن لم يشعرن حين قطعن حتى هنيئة رجعن إلى ما كنّ فرأين أيديهن مقطعة.
(قَطَّعْنَ ... وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً ..)! وهي كلمة تنزيه لله ، اندهاشا من خلق الله ، فهن مهما كن مشركات في عبادة الله ، ولكنهن في نفس الوقت موحدات في خالقية الله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ)؟.
ففي حسن البشر حد تعرفه نساء الطبقة العليا ، المترفة بجمال الرجال ، فإذ لم يجدن مثله فيما رأينه ، إذ ف (ما هذا بَشَراً) أيا كان (إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ) ليس كسائر الملك على حسنهم وجمالهم وكمالهم بل هو بينهم «كريم» واسع في الملكية جمالا وكمالا ، خلقا وخلقا ، صورة وسيرة ، فلو كان بشرا لرأينا مثله ، أم انجذب إلى نسوة جميلات متزينات بأعلى الزّين ، متزيّات بأرقى الأزياء ، فلا خلقه يشبه بشرا ولا خلقه ، إذا ف (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ).
أترى أنهن رأين ملكا كريما حتى ظننّه ملكا او مثّلنه بملك؟ كلّا! ولكن السيرة منذ القديم جرت على أن صورة الملك أفضل الصور كما وسيرته أحسن السير ، فضلا وحسنا فوق التصور ، فيمثل به كل حسن لا يقدر بقدر ، وهو منقطع النظير في قبيل البشر! وهكذا قدرن في يوسف ما هذا بشر إذ لا يرين فيه انجذابا الى أنثى البشر وهن وهي في حسنهن القمة ، وفي دلالهن وغنجهن ما لا تغمض عنه عين بشر! لذلك (إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ).