ولكن الحق في (مَلَكٌ كَرِيمٌ) ألا يطمع فيه طمع الجنس ، وليكرم إكراما فوق الإنس ، دون تهمة وقحة وفي رغبة الجنس ، فكيف تكون الحالة الملكية عاذرة لامراة العزيز؟
الحق انه مبالغة منهن في جمال الصورة وكمال السيرة والسريرة ، مما يزيد النساء رغبة فيه وشغفا إليه ، لذلك نراها تعتذر به وهن يقبلن العاذرة ، وإلّا لانقلب سناد العذر ضده ، وقلّب الأمر عليها أشدّه.
وترى أن تقريرهن في (إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) ولزامه أن الملك أفضل من البشر ، هلّا يعارض (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) فلا أحسن منه في تقويم مهما كان له مثيل في تقويم (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) حيث القليل منهم له مثيل؟
ولكن هذا تصريح دون معارض وذلك ـ على أكثر تقدير ـ تقرير ، فليقدر بقدره غير المعارض للتصريح ، وعلّه ان الحالة الفعلية الدائبة لملك كريم أفضل منها لبشر ، مهما كان الإنسان في استعداده وفاعليته تحصل له فعلية هي من الملك أكثر بكثير ، وكما في الرسول الأقدس (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث فاق بجسمه على جبرئيل ليلة معراجه ، فضلا عن روحه! فلا تثبت الآية أن الملائكة أفضل من الإنسان ، اللهم إلّا في عرف عام قياسا إلى العوام.
فامرأة العزيز تخلق ذلك الجو العجيب الرهيب كيدا بكيدهن ، وجوابا مجسدا عن قولهن (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ ..).
فلقد كان هذا منهن في كيدها جوابا عن كيدهن حاضرا ، فانتصرت في المعركة إذ (قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) ذلكن الملك الكريم الذي تقطّع بمجرد رؤيته الأيدي ، هوذا (الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) فلا تلمن إلّا أنفسكن حيث بهرت وانقهرت هكذا في لقاء واحد ولاوّل مرة ، أفلا أراوده أنا المسكينة