شيء ، وسجنه المفصول عنه ب «ثم» شيء آخر ، ويستمر صرفه في طياته.
وكيف ينقم بسجنه الذي ارتضاه ابتعادا عن صبوه إليهن ولأمير المؤمنين علي (عليه السلام) به أسوة إذ قال : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ..)(١).
وكيف لا يرتضى السجن إن كان ولا بد ـ لصرف كيدهن عنه ، وقد تعلقن به جميعا ترأسهن العزيزة كما تصرح «مما يدعونني إليه ـ وكيدهن» دون «ما تدعوني اليه وكيدها» فهن جميعا مشتركات في الدعوة والمكيدة سواء بالقيلات واللفتات ، او الحركات والتغنّجات أو الاستباقات أماذا من دعوات مكيدات (٢).
ففي هذه الغائرة الحائرة المائرة لا مناص له ولا خلاص إلّا ان يستنجد ربه بمزيد من رحمة العصمة ان يصرف عنه كيدهن كيلا يقع في حبائلهن
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٤٢٣ ج ٥٨ في كتاب علل الشرايع باسناده الى ابن مسعود قال : احتجوا في مسجد الكوفة فقالوا : ما بال أمير المؤمنين (عليه السلام) لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير وعائشة ومعاوية؟ فبلغ ذلك عليا (عليه السلام) فامر ان ينادى الصلاة الجامعة فلما اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه قال : معاشر الناس! انه بلغني عنكم كذا وكذا؟ قالوا : صدق امير المؤمنين (عليه السلام) قد قلنا ذلك ، قال : ان لي بسنة الأنبياء أسوة فيما فعلت قال الله تعالى في محكم كتابه : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) قالوا : ومن هم يا امير المؤمنين؟ قال : أولهم ابراهيم (عليه السلام) ـ الى ان قال ـ ولي بيوسف أسوة إذ قال : رب السجن أحب الي مما يدعونني اليه ، فان قلتم ان يوسف دعى ربه وسأله السجن بسخط ربه فقد كفرتم ، وان قلتم انه أراد بذلك لئلا يسخط ربه عليه واختار السجن فالوصي اعذر.
(٢) في تفسير القمي في حديث جمعها النسوة وتقطيعهن أيديهن قال : فما امسى يوسف (عليه السلام) في ذلك اليوم حتى بعث كل امراة رأته تدعوه إلى نفسها فضجر يوسف في ذلك اليوم فقال : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ...).