فأنا ـ إذا ـ بتأويل الرؤيا أقدر ، وقد تعني «بتأويله» ـ ضمن ما تعني ـ تأويل رؤياهما ، وإنما أفرد الضمير في تذكير اعتبارا بمرجعه الأصيل «طعام» وأما أن تعني الرؤيا فقط فخلاف أدب اللفظ والمعنى (١).
وذلكما العلم الواسع ليس يحصل ـ بطبيعة الحال ـ من دراسات رسمية ، بل «ذلكما» البعيد المدى ، الشاسع المحتد (مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) بجنب علوم أخرى تتبناها الرسالة الإلهية ، فهذه كآيات تدل على اختصاص صاحبها بالله ، وتلك الرسالية الأخرى هي مادة الرسالة ومبناها ومدعاها وحجرها الأساس ، نبراسا ينير الدرب على السالكين.
ولماذا هكذا علمني ربي دونكم وسائر الناس ل (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) نفيا يمثل «لا إله» ومن ثم إثبات يمثل «إلا الله» واتبعت ملة آبائي ...».
فرغم أنني ربّيت منذ الطفولة حتى بلوغ أشدّي في جو الشرك والإلحاد ، ونوازع الشهوات والحيونات ، (إِنِّي تَرَكْتُ ..) وبكل إصرار وإجهار ، وكفاني موقفي من امراة العزيز ونسوة في المدينة.
(.. تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) وبطبيعة الحال (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) لا سواهم ، حيث الإيمان بالله يدفع للايمان بالآخرة ، (إِنِّي تَرَكْتُ ..) : فلا إله : ثم «إلّا الله» :
(وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ
__________________
ـ ليريهما ان عنده علما وكان الملك إذا أراد قتل انسان صنع له طعاما معلوما فأرسل به اليه ...
(١) اما ادب اللفظ فلان الرؤيا مؤنث والضمير مذكر ، وهي هنا اثنتان والضمير مفرد ، واما المعنى فلان تأويل الرؤيا لا صلة له بإتيان طعام يرزقانه.