حيث الداعي الى الحق عليه أولا ان يحققه في نفسه ويبينه :
(يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ)(٣٩).
أيا صاحبي سجن البدن ، لماذا أنتم في سجن الروح وهو أسجن وألعن ، ألا فتحرروا من ذلك السجن اللعين ، (.. أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) سؤال يهجم على أعماق الفطر والفكر والعقول ، فيهزّها هزة موقظة ، فالفطرة لا تعرف إلّا إلها واحدا هو (اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) والعقل الناضج الذي يتبنى الفطرة وسائر الآيات آفاقية وأنفسية ، كذلك لا تعرف إلّا (اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) والكون بوحدة تدبيره ونظامه دون تفاوت يشهد أنه (اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ).
ثم وفي مواصفة «ارباب» ب «متفرقون» ومواصفة «الله» وجاهها ب (الْواحِدُ الْقَهَّارُ) دليل إجمالي فيه تفاصيل الأدلة على بطلان الشرك وضرورة التوحيد.
فالأرباب المتفرقون الذين لا يملك كل نفسه فضلا عن عبّاده ، ولا يقهر شركائه فيتوحد ، وهي متقسمة الأقدار ، مختلفة المقادير ، متشاكسة فيها ، هذه المتفرقة المفرقة لا تجدي نفعا إلّا تبعثرا في الحياة ، وتعثرا في متطلبات الحياة ، فلا خير فيها ـ إذا ـ إلّا شر.
وترى كيف تتأتى هنا صيغة الخير وهي أفعل تفضيل يقابلها ما فيه قليل الخير ، والأرباب المتفرقون لا خير فيهم لا كثيرا ولا قليلا؟
الخير فيما لا يعدّى بمن لا يعني الأفعل ، بل مقابل الشر ، فإما الأرباب المتفرقون خير والله الواحد القهار شرّ! ام الله خير وهم أشرار وقد يؤتى بالخير الأفعل مقابل الشر مسايرة في الحجاج ، دفعا عن