لما رأى (١) أن المنى يتكون حيوانا يسيرا يسيرا ، والبذر (٢) يتكون نباتا يسيرا يسيرا (٣) ، توهم من ذلك أن هناك حركة والذي يجب أن يعلم هو أن المنى إلى أن يتكون حيوانا ، تعرض له تكونات أخرى تصل (٤) ما بينها (٥) استحالات فى الكيف والكم ، فيكون المنى لا يزال يستحيل يسيرا يسيرا ، وهو بعد منى ، إلى أن تنخلع (٦) عنه صورة المنوية ، ويصير علقة ، وكذلك (٧) حالها إلى أن تستحيل مضغة ، وبعدها عظاما وعصبا وعروقا وأمورا (٨) أخر لا ندركها ، وكذلك إلى أن يقبل صورة الحياة ، ثم كذلك يستحيل ويتغير إلى أن يشتد فينفصل (٩). لكن ظاهر الحال توهم أن هذا سلوك واحد من صورة جوهرية إلى صورة جوهرية أخرى ، ويظن لذلك (١٠) أن فى الجوهر حركة وليس كذلك ، بل هناك حركات وسكونات كثيرة. وأما كون الحركة فى الكيف فذلك ظاهر لكن فى الناس من لم ير الحركة فى أنواع الكيف كلها إلا فى الصنف المنسوب إلى الحواس ، فقال (١١) : أما نوع الحال والملكة فهو متعلق (١٢) بالنفس ، وليس موضوعه الجسم الطبيعى ، وأما القوة واللاقوة والصلابة واللين وما أشبه ذلك فإنها تتبع أعراضا تعرض للموضوع ، ويصير (١٣) الموضوع مع بعض تلك الأعراض موضوعا لها ، فلا يكون حينئذ الموضوع للقوة هو بعينه الموضوع لعدم القوة ، وكذلك الحال فى الصلابة واللين. وأما الأشكال وما يشبهها (١٤) فإنها إنما (١٥) توجد فى المادة التي تقبلها دفعة إذ لا تقبل التشدد والتضعف.
ولا أدرى ما ذا يقولون فى الانحناء والاستقامة وغير ذلك ، وعندى أن الأمر ليس على ما يقولون ، فإن (١٦) موضوع الحال والملكة ، كان نفسا أو بدنا أو هما معا بحال الشركة ، فإنه يوجد فيه كمال ما بالقوة من جهة ما هو بالقوة لجوهر (١٧) ما. والذين (١٨) قالوا : إن الموضوع ليس واحد للصلابة واللين أو القوة (١٩) والضعف ، فينتقض عليهم فى النمو والذبول ، وكان يجب على قولهم أن لا تكونا حركتين بل إنما نعنى بالموضوع فى هذه (٢٠) الأشياء طبيعة النوع الحاملة للأعراض ، فما دامت تلك الطبيعة باقية لم (٢١) يتغير النوع ، ولم تفسد الصورة الجوهرية. فإن
__________________
(١) رأى : روعى د ، ط ؛ رؤى سا ؛ رءى م
(٢) والبذر : والبزر د ، ط ؛ أو البذر سا.
(٣) والبذر يتكون نباتا يسيرا يسيرا : ساقطة من م.
(٤) تصل : فضل سا (٥) ما بينها : ما بينهما د ، سا ، ط ، م.
(٦) تنخلع : تنسلخ طا.
(٧) وكذلك : فلذلك سا
(٨) وأمورا : أو أمورا د. (٩) فينفصل : وينفصل سا.
(١٠) ويظن لذلك : ونظن كذلك م.
(١١) فقال : فيقال م. (١٢) متعلق : يتعلق سا ، م.
(١٣) ويصير : فيه فصير سا ؛ يصير م.
(١٤) وما يشبهها : وما يشبهها م
(١٥) إنما : لما سا. (١٦) فإن : وإن ب ، د ، سا ، م.
(١٧) لجوهر يجوهر م (١٨) والذين : والذي ب ، سا ، م.
(١٩) أو القوة : والقوة ب ، سا ، م.
(٢٠) فى هذه : فلهذه ط.
(٢١) لم : ولم ط ، م.