عليّاً عليه السلام الى اليمن لتبليغ الدعوة كذلك وجه الرسل والأنبياء الى أممهم من حين كان نبيّاً وآدم بين الماء والطين فدعا الكل إلى الله فالكلّ أمّته من آدم إلى يوم القيامة فبشّره الله بالمغفرة لما تقدّم من ذنوب الناس وما تأخّر منها وكان هو المخاطب والمقصود الناس فيغفر الكل ويسعدهم وهو اللّايق بعموم رحمته التي وسعت كل شيء وبعموم مرتبة محمّد صلّى الله عليه وآله حيث بعث إلى الناس كافّة بالنص ولم يقل أرسلناك إلى هذه الأمة خاصّة وانّما اخبر انّه مرسل إلى الناس كافّة والناس من آدم عليه السلام إلى يوم القيامة فهم المقصودون بخطاب مغفرة الله لما تقدّم من ذنبه ولما تأخّر.
أقولُ : وقد مضى في المقدّمة الثالثة ما يؤدي هذا المعنى.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام قال : انّه سئل عن هذه الآية فقال لم يكن احد عند مشركي أهل مكّة أعظم ذنباً من رسول الله صلّى الله عليه وآله لأنّهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة وستين صنماً فلمّا جاءهم بالدعوة الى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم وعظم وقالوا أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إلى قوله إِلَّا اخْتِلاقٌ فلمّا فتح الله تعالى على نبيّه صلّى الله عليه وآله مكّة قال تعالى يا محمد إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ عند مشركي أهل مكّة بدعائك الى توحيد الله فيما تقدّم وما تأخّر لأنّ مشركي مكّة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكّة ومن بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد عليه إذ دعا الناس إليه فصار ذنبه عندهم مغفوراً بظهوره عليهم وفي رواية ابن طاوس عنهم : انّ المراد منهم لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ عند أهل مكّة وقريش يعني ما تقدّم قبل الهجرة وبعدها فانّك إذا فتحت مكّة بغير قتل لهم ولا استيصال ولا أخذهم بما قدّموه من العداوة والقتال غفروا ما كان يعتقدونه ذنباً لك عندهم متقدّماً أو متأخّراً وما كان يظهر من عداوته لهم في مقابلة عداوتهم له فلمّا رأوه قد تحكم وتمكّن وما استقصى غفروا ما ظنّوه من الذنوب وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ بإعلاء الدين وضمّ الملك الى النبوّة وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً في تبليغ الرسالة وإقامة مراسم الرياسة.