إلى الجوارح ، بل وعيان الجوارح هو من مخلّفات عصيان الجوانح ، إن كفرا فأعمال كافرة ، وإن فسقا ففاسقة ، ف (مِمَّا تَعْمَلُونَ) في الكافر يعم قلبه وقالبه ، وفي المؤمن الفاسق عمله إلى تخلفه في قلبه أو نيته.
ثم «إني بريء» في مواجهة الكافر تختلف عنها أمام المؤمن ، والبراءة من العصيان هي قضية الرسالة ، والمجاهرة بها هي من أخريات المطاف في النهي عن المنكر ، وقد تلمح الآيات التالية أن المحور هنا في «ان عصوك» هم الكفار وعلى هامشهم عصاة المؤمنين.
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ٢١٧ الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ ٢١٨ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ٢١٩ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) ٢٢٠.
و (الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) تلحيقة مكرورة طوال السورة في عرض الايمان والكفر ، ف «العزيز» أمام الكافرين و «الرحيم» أمام المؤمنين ، ف «توكل» في كل المجالات الرسالية (عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) ولا يهمك بعد ماذا يحصل بعد ان تطبّق أمر الله في دعوتك فانه : (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ) في صلاتك وفي الدعوة الرسالية (١). «يراك» بعين العلم والقدرة والعناية فلا تفلت عن رؤيته ، إذ لا يلتفت عن رعايتك.
(يَراكَ حِينَ تَقُومُ ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) منذ كنت في أصلاب طاهرة وأرحام مطهرة ، وحتى رسالتك وإلى ارتحالك إلى رحمة ربك (٢) فهل ترى ان
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٦٩ القمي حدثني محمد بن الوليد عن محمد بن الفرات عن أبي جعفر (عليه السلام) في الآية : الذي يراك حين تقوم «في النبوة» (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) قال : في أصلاب النبيين.
(٢) المصدر. روى جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و
في الدر المنثور ٥ : ٩٨ ـ اخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال سألت ـ