لم يأتمر أمر ربه وهو في القمة المرموقة!.
(وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ٢١٥.
خفض الجناح هو ابلغ اللين والرفق والضعة والحنان ، تصورا عن الطائر إذ يخفض جناحه إذ يهبط ، ويخفضه حين يحتضن أفراخه ، وكذلك يؤمر الرسول حين يهبط عن سماء الوحي برسالة الأرض والسماء ، ان يخفض جناح الرحمة لأفراخه المؤمنين به ، من أقارب وأغارب ، دونما ممارات أو مماشاة مع المكذبين الأقارب ، أم طرد للمؤمنين الأغارب ، أم ترجيحا بين من آمن للأقارب ، وانما (لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) وكما الطائر لا يطير عن أفراخه ولا يغيب في الحالات الحرجة ، كذلك أنت يا ايها الطائر القدسي الرسالي دم على افراخك المؤمنين : (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) (١٥ : ٨٩) وقد كان خافض الجناح لهم على ما كان من بعضهم من جفاوة ، فلا يواجههم ـ إذا ـ إلّا بكل حنان وحفاوة ، بل وبالنسبة لغير المؤمنين ايضا علّهم يؤمنون.
(فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) ٢١٦.
وترى ضمير الجمع في «عصوك» راجع إلى الكفار فقط؟ وهم أبعد مرجعا! والبراءة لا تخص عمل الكافر ، بل والأصل فيها كفره في قلبه حيث يخلّف تخلفه في عمله! أم هو راجع إلى (لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) على قربها مرجعا؟ وكيف يواجه الرسول المؤمن الفاسق بتلك البرائة ومن شروطات النهي عن المنكر لين الكلام بالحكمة والموعظة الحسنة.
علّه راجع إليهما ، والبراءة ـ إذا ـ يخص ما يعملون ، إذ لا براءة من المؤمن نفسه إن كان فاسقا.
أم ان «ما تعملون» هي نفسه «ان عصوك» والعصيان يعم الجوانح