أجل (قالَتْ نَمْلَةٌ ..) فهل قالت بصوت ناعم أسمعه الله سليمان ولا يسمعه أي انسان؟! حيث العدد في الارتعاش الصوتي للإنسان محدود ليس ليسمع ادنى منه ولا أعلى ، ام قالت بالتلغراف اللاسلكي أو جهاز الرادار المودوع في قرنيها ، فهي تبادل الخواطر بتلك الوسائل العجيبة ، فتفهّم قولها هو من خوارق العادة للإنسان في بعدي مادة الخاطرة وإيصالها دون صوت ، والبشرية اليوم مهما وصلت الى استخدام الرادار اللاسلكي في نقل الأقوال ، لم تصل حتى الآن الى حد نقل الخواطر دون أية وسيلة صوتية ، وحتى إذا وصلت اليه يوما مّا فليست لتفهم خواطر الحيوان ايّا كان ، فانه من تعليم الملك المنّان!.
وعلّ نملة هذه هي الملكة في واد النمل ، ـ كما يلمح لها تأنيثها ـ أو الخطيبة الممثلة لها ، فخاطبت النمل خطابها العجيب :
(يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ ..).
ويا لمساكن النمل من أعاجيب في هندساتها وتنظيماتها ، وهل أتاك نبأ البيوت التي تتخذها تحت الأرض وتجعل لها أعمدة وبهوات متسعات :
__________________
ـ الهواء والريح قد حملته فوقف وقال عليّ بالنملة ، فلما أتي بها قال سليمان : يا أيتها النملة اما علمت اني نبي الله واني لا اظلم أحدا؟ قالت النملة : بلى قال سليمان : فلم حذرتنيهم ظلمي وقلت (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) قالت النملة : خشيت ان ينظروا إلى زينتك فيفتتنوا بها فيبعدوا عن الله تعالى ذكره ـ وفي العلل : فيعبدون غير الله تعالى ذكره ، وفي العيون : فيعبدون عن ذكر الله تعالى ، ثم قالت النملة : هل تدري لم سخرت لك الريح من بين سائر المملكة (الملكة) قال سليمان : مالي بهذا علم ، قالت النملة : يعني عز وجل بذلك : لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح لكان زوالها من يدرك كزوال الريح ، فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها. أقول : وللنظر في بعض فقراتها مجال إذ تخالف القرآن أم لا توافقه.