دون إذن يؤدّب كيلا يكرر غيابه وينتبه الآخرون ف : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ) مما يلمح ثانية أن الحاجة إليه كانت مدقعة حيوية لصالح الجنود ، وقد يعني شديد العذاب نتف ريشه (١) ، وأشد منه ذبحه ، أو عذابه هو ما دون ذبحه في الشدة كأن يلقى بعد نتف ريشه في الشمس بين النمل ويقرن بالأضداد.
ولكن سليمان لم يكن ملكا جبارا يحكم دون حجة ، ولمّا يسمع حجة الهدهد الغائب ، ولا حكم على الغائب ، فلذلك يبدّل تهديد العذاب والذبح ب (أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) فما لم يأت بسلطان مبين فالحكم كما حكم لأنه عصى ..
وترى الهدهد هو من المكلفين حتى يعصي أمرا فيهدّد بشديد العذاب؟ بصورة عامة نعم! فيما يرجع إلى حيونة الشعور بالمحبور والمحظور : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (٦ : ٣٨) ولا يعني حشرهم يوم الحشر إلّا جزاءهم بما عملوا فضلا وعدلا.
ثم بصورة خاصة حين يأمر النبي حيوانا أو ينهاه بأمر الله ، وهو يشعر
__________________
ـ يضحكك؟ قال : ظفرت بك جعلت فداك ، قال : وكيف ذلك؟ قال : الذي يرى الماء في بطن الأرض لا يرى الفخ في التراب حتى يؤخذ بعنقه؟ قال ابو عبد الله (عليه السلام) يا نعمان اما علمت انه إذا انزل القدر أغشي البصر؟
(١) ومن العذاب الشديد ايداعه القفص ، والتفريق بينه وبين إلفه ، وإلزامه صحبة الأضداد ، أو خدمتهم أو خدمة الأقران.
وفي البحار ١٤ : ١١٢ عن تفسير القمي في سرد القصة وقال الصادق (عليه السلام) ... لأعذبنه عذابا شديدا : لأنتفن ريشه ..