الشديد ، إذا فهو المستور الأشد فلا تدركه الحواس الظاهرة ولا العقول الباطنة ، فما تدركه الحواس بآثاره قد يخرجه الإنسان في محاولات علمية ، وما تدركه العقول بآثاره قد تخرجه في محاولات عقلية ، واما «الخبء» المستور عن كل الإدراكات ، البعيد عن تناول العقل والعلم ، فالله هو الذي يخرجه في السماوات والأرض.
و «الخبء» هنا يعم كل خبء ، ١ ـ من المادة الأولية التي كانت خبأ في علم الله ٢ وقدرته ، فأخرجها الى الوجود ، ٣ ـ ثم زبد الأرضين ودخان السماوات المخرجان من تفجرة المادة الأولية ، ٤ ـ ثم كل منهما من أصله الثاني : دخان السماء وزبد الأرض فكانت السماوات وكانت الأرضون ، ٥ ـ ثم اخرج خبء الماء من السماء وخبء النبات من الأرض بماء السماء ، ٦ ـ ثم كل خلق من شيء في كلّ منهما وفي تبدلات كيماوية وفيزيائية ، مادة الى طاقة وطاقة الى مادة أماهيه و (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) ، ٧ ـ ثم الخواطر المخبوءة لكلّ عن كلّ فقد يخرجها الله تعالى بعباد مخلصين (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) ، ٨ ـ ثم النيات والعقائد والأقوال والأعمال المخبوءة يوم الدنيا بعد مضيها حيث يخرجها الله يوم الأخرى (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ ...) ..
ولكن (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) تختلف ظرفا وسواه في هذه الثمانية ، ففي الأربعة الأولى ليست السماوات والأرض ظرفا لإخراج الخبء فإنهما هما الخبء فيهما على اختلاف مراحلهما ، فالمعنى إذا «يخرج الخبء الكائن في السماوات والأرض» لا انه يخرجه فيهما.
ثم في الخامس والسادس هما ظرفان لإخراج الخبء حيث يخرج الله فيهما كل خبء من خلق جديد شيئا من شيء ، فيهما ، وفي السابع ظرف الإخراج خاص لعباد الله الخصوص ، وفي الثامن هو الآخرة ، ف (يُخْرِجُ