تحصل إلا نظرة نفس الواقع ، دون نبإ آخر من شاهد آخر ، ثم المحمّل لذلك التحقيق هو الهدهد نفسه ، قطعا لعذره ، وحملا عليه ما ادعاه من سفرته البعيدة لوقت قريب غريب ، دون سائر الأمناء : عفريت من الجن امّن عنده علم من الكتاب ، فأحسن بنظر في أمر يحمله صاحب الدعوى فيه!.
(اذْهَبْ بِكِتابِي هذا) الذي كتبته إليها وقومها (فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ) بهاء السكت في كل القراآت دون كسر ، دون أعطه إياهم ، علّه كيلا يأخذوك فيذبحوك أو ياسروك ، وانما «ألقه» وطبعا من فوقهم جوا أو كوّة ، ولكي ينتبهوا من الإلقاء نفسه انه امر خارق للعادة (ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ) الى مكان بعيد عن أخذك ، غير بعيد عن نظرك (ما ذا يَرْجِعُونَ) «فانظر» إليهم نظر البصر والسمع (ما ذا يَرْجِعُونَ) القول بعضهم الى بعض ، و «يرجعون» كلهم إلينا ، و (ما ذا يَرْجِعُونَ) ردة فعل بعضهم الى بعض ثم إلينا ، ثم خبّرنا بما «يرجعون».
(قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ ٢٩ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ٣٠ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) ٣١.
ذهب بكتابه المختوم غير المعلوم فألقاه إليهم ، وطبعا إليها كأصل في خطابه كما النص (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ) دون «إنّا» مهما كان خطاب الكتاب الى الكلّ ، وقد تلمح «ألقي» المجهول انها لم تعلم من ألقاه وكيف ألقاه مهما عرفت متاه ، فلو كانت عارفة لأعلنت هذه العجيبة المنقطعة النظير ، عجبا على عجب الإلقاء ، بعجب (كِتابٌ كَرِيمٌ) ولتحرّز الملأ اكثر مما حرضتهم على إفتاءهم في أمرها.
«قالت» بعد ما قرأت الكتاب ، وهو طبعا كان بلغتها لكي تفهمه (يا