أَيُّهَا الْمَلَأُ) وهم ملأ الحاشية الملكية المساعدة للسياسة في المملكة (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ) إذ تلقته بإلقاء دون إيتاء ، فهو تلقّ خلاف المتعود من لقيا الكتاب ولكنه (كِتابٌ كَرِيمٌ) وطبعا من كريم ، فكتاب الكريم كريم الى أيّ كان ، وكتاب اللئيم لئيم إلى ايّ كان ، وليدرس الدعاة الى الله كيف عليهم ان يكتبوا كتاباتهم الدعائية الى اضدادهم ، فضلا عن أعضادهم ، وكما نرى كتابات الرسول محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) الى الملوك والشيوخ وسائر الزعماء ، كيف تحوي كرامات وكرامات ، وقد أثرت في الأكثرية الساحقة منهم حسنا.
لقد كانت لغة الكتاب الكريم وصيغته تحمل كل حزم وجزم ، ابتداء ببسم الله وانتهاء إلى الإسلام لله ، ولم يكن ليخفى صيت سليمان وصوته عن الملكة وملئها ، وعلى أية حال فقد حق كرم الكتاب رغم دعوته المرة عندها ، لحد تصارح ملأها رغم ملكتها البارزة أمامهم ، انه (كِتابٌ كَرِيمٌ).
(إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ) مجردا عن كل مواصفة وتعريفة به ، إذ كان معروفا لديها وسائر الملوك «وانه» فالتأكيد الأوّل يؤكد كونه من سليمان ، والثاني مضمونه في عرضها لمتنه الكامل ، وقد تلمح «إنه» هنا وهناك انهما تعليلان لبيان كرم الكتاب ، فكونه من سليمان من كرمه ، وافتتاحه بسم الله الرحمن الرحيم ، من أكرمه ، حيث المشركون كانوا يتعقدون في الله انه رب الأرباب ، فلا يتأنفون ـ بطبيعة الحال ـ عن ذكر اسمه ، بل ويؤصّلونه في عبادتهم لأصنامهم : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) ـ (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى)! ف (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) افتتاحية بارعة ترعبها ، وهي أفضل آية في الوحي كله ، وعلّها تختص الرسالة القرآنية ، ومن قبل