هم في حيطته الرسالية الملكية ، وليعرف بالنخبة بينهم اقترح عليهم (يَأْتِينِي بِعَرْشِها) فتقدم في ذلك السباق (الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) فتبين انه الشخصية الثانية بعد سليمان (عليه السلام).
وتراه متى «قال ..» أدون فصل عن رجوع المرسلين ولمّا يصلوا؟ وصيغته الفاصحة «وقال ..» عطفا على «ارجع» ثم و (قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي) تلمح لما قبل وصولهم لا قبل شروعهم في سفرتهم ، فهنا اقتراح للإتيان بعرشها عنده قبل إتيانهم إياه ، وليست خارقة العادة في الإتيان بعرشها إلّا أن يكون بعد خروجها ثم وصوله قبل وصولها ، وحراك العرش ـ بطبيعة الحال ـ أبطأ من حراكهم ، فليصل بعدهم ، فوصوله قبلهم حجة إلهية ، إضافة إلى أنه لم يكن له التصرف في عرشها بعد ان يأتوه مسلمين ، ثم وأراد أن يختبر عقلها (نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي) ولا يجوز تنكير عرشها بعد إسلامها ، ولا تستفيد منه حجة إذا أتي به بعدها! كما وأراد ألّا يبقى لقلبها تعلق بما وراءها حين تأتيه مسلمة وقد كانت تحب عرشها هائمة فيه! ولكن يبقى مجال القول في (قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) إنه قبل رحيلهم حالة إسلامهم ، كما تؤيده قولها بعد ما رأت عرشها (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ) وليؤكد سليمان أحلامها أمر أن ينكّروا عرشها اختبارا لفراستها ومدى إسلامها.
وهل عجز سليمان نفسه عن أن يأتي بعرشها قبل قيامه من مقامه أم قبل أن يرتد إليه طرفه ، فتطلّب إلى ملإه (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها)؟ طبعا لا ، فانه كان إمامهم وأقوى منهم كلهم في كلّما لهم ومنهم ، ثم «ولم يعجز سليمان عن معرفة آصف لكنه أحب أن يعرف أمته من الإنس والجن أنه الحجة من بعده وذلك من علم
__________________
ـ ما يخصه الله به من المعجزات الشاهدة النبوية.