فليعبد سواه ليقربهم إلى الله زلفى!
«لنبيتّنه» وهو قصد العدو ليلا لقتله «وأهله» هم زوجته وولده وكل من هو تحت عيلولته ، (ثُمَّ لَنَقُولَنَّ) بعد تبييته «لوليه» وهو بطبيعة الحال من غير اهله ، أو غير الآهلين معه في بيته ، وهو ولي دمه (ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ) دون مهلكه وأهله ، ألأن غير الشاهد لمهلك أهله بأحرى ألّا يشهد مهلكه نفسه؟ ولا أولوية في هذا البين ، وقد يكون عكس الأمر أولى أننا ما شهدنا مهلكه ، فبأولى مهلك أهله ، فإنهم معه بطبيعة الحال ليلا! والنص (مَهْلِكَ أَهْلِهِ)!.
ضمير المفرد الغائب في «أهله» الثاني راجع إلى وليه فإنه أقرب مرجعا وأصح معنى ، فصالح وأهله هم أهل لوليه ، ف (ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ) أي القتلى الذين هم أهله ، وله المطالبة بدمائهم (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) في (ما شَهِدْنا).
ثم «مهلك» قد تعني هنا مثلث المعاني ، مصدرا وزمانا ومكانا للهلاك ، اجتثاثا لكل بنود الاتهام ، فلا خبر لنا إطلاقا عن زمان الهلاك ولا مكانه ولا أصله.
احتيال ساذج غير ناضح يطمئنهم فيما اعتزموه ، تخلصا عن صالح ووليه و (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) :
(وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) ٥٠.
(وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) لا مكرهم ولا مكرنا ، شعورا بضالة مكرهم ، وشعورا بعاقبته في مكرنا ، وأين مكر من مكر؟ مكر جاهل قاحل ، ومكر عالم كافل ، مكر عن عجز تبييت ، ومكر عن قدرة في تبييت.
(فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) ٥١.