(وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ)(١١).
ذلك النداء يتم بعد ما يكمل موسى عشر حجج في مدين بعد ما خرج إليها من مصر خائفا يترقب (ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى) (٢٠ : ٤٠) ففي ذلك القدر المقدّر لبزوغ الرسالة هكذا يؤمر.
واذكر (إِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى) كما ناداك ، وآواه كما آواك (أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم وأهليهم وظلموا الحق ، عائشين في ثالوث الظلم ، المظلم جوّ الحياة على عائشيها ، ففي الرسالات الإلهية سلبيات وايجابيات ، سلبا لآلهة الأرض ثم إيجابا لإله السماوات والأرض ، وسلبا لأي ظلم من أي ظالم فإيجابا للعدل : (أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ) فقد اظلمت الجوّ طغواهم ، فلتحملهم على تقواهم ، ام لا قل تقدير تصدهم عن طغواهم.
(قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ (١٣) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ)(١٤).
أعذار أربعة يعتذر بها موسى عن ذلك الإتيان ، أنكوصا عن تكليف الرسالة بأسره؟ وكيف يرسل الله الناكص المنتكس! أم عرضا لحاله استنصارا من ربه على عدوه؟ وعلمه بحاله يكفي عن مقاله!.
في الحق إنه عرض الحال التماسا وهو يعلم الحال ، وكما في كل دعاء واستدعاء ، و (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) برهان لا مرد له على عدم النكوص ، وانما هو استمداد من ربه ان ينصره على عدوه.
وترى فرق التكذيب والقتل في سبيل الدعوة أهما مما يتطلب عرض الدعاء ، وهما طبيعة الحال في كافة الدعوات الرسالية؟ ففريق يكذّبون