وآخرون يصدّقون ، وفريق يحاولون قتل الداعية وآخرون يمانعون؟.
إنه هنا يخاف التكذيب المطلق ألّا يصدق ابدا ، لا مطلق التكذيب ممن دأبهم التكذيب ، ويخاف أن يقتل قبل نشور الدعوة ، إذا فما هي فائدة هذه الدعوة بين تكذيبها وقتل الداعية؟!.
ثم ومن دوافع التكذيب المطلق والقتل (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ ...) فلذلك (يَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) وذلك قصور في الدعوة ، فليستمد ربّه بامدادات متصلة واخرى منفصلة ك (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ).
فلئن كان منشرح الصدر منطلق اللسان كان بالإمكان ان يرتد تكذيبه كيفما كان ، فهو الاحتياط الرسالي حفاظا على سلامة الدعوة لا. الداعية اللهم إلّا لسليم الدعوة وقاطعها.
فقد احتاط من أن يحتبس لسانه في بزوغ الدعوة وهو في موقف المنافحة عن رسالة ربه ، فتبدو الدعوة ضعيفة قاصرة منذ البداية ، واحتاط من ان يقتلوه فتتوقف دعوته دون ان تجبر عن ضعفها ، وهذا هو اللائق بموسى الرسول الذي صنعه الله على عينه واصطنعه لنفسه ، ونراه مستجابا فور دعوته.
ومما لا بد منه في كل دعوة رسالية مجال التصديق وتجوال الدعوة قبل قتل أو موت الداعية ، وانشراح صدره وانطلاق لسانه (١) في الدعوة ، فلذلك (قالَ رَبِّ ...).
هنا من دوافع تكذيبه المطلق وقتله (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ ...) أن قتلت
__________________
(١) تجد تفصيل القول في عقدة لسانه في طه فراجع.