جولة ختامية للسورة بآيات تذكيرية في استجوابات في أغوار النعم وأطوار النقم ، فللمؤمنين النعم وللكافرين النقم ، مما يتطلب (الْحَمْدُ لِلَّهِ) أولا وأخيرا ، فانها مفتاح كل أمر بعد البسملة وختامه :
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) ٥٩.
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) على العاقبة الصالحة للصالحين والطالحة للطالحين ، فكل (الْحَمْدُ لِلَّهِ) دون سواه ، فانه هو الموفق لهداه على أية حال ، والمجازي لمن عاداه على أية حال (قُلِ .. سَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) وهم كل الدعاة الله على مدار الزمن الرسالي «سلام» عليهم من الله و «سلام» عليهم منك ومن معك من المصطفين والصالحين ، و «سلام» من الله عليهم أحياء إذ كانوا يحملون رسالات الله ، و «سلام» من الله عليهم أمواتا ليستمروا في الحياة الروحية القمة ، ثم «سلام» مني عليهم إذ لا أقول لهم إلّا سلاما وتصديقا ، و «سلام» مني إليهم فانني مسلم معهم مقتد بهداهم : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) (٦ : ٩٠) فإن هداهم هداي مهما كانت درجات ، وخط الهدى واحد مهما كان له مقامات ، فليس اقتداء الرسول بهداهم إلّا المشي على خطهم مهما سبقهم ، كما اقتداء غير الرسول به وبهم مهما كانوا ادنى منهم ، فخط الرسالة الإلهية وهداها واحدة والطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق.
إذا (آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) بالله ما لم ينزل به سلطانا ، ومقابل الخير هنا ـ وهو الخير المطلق ـ ليس إلا الشر المطلق ، وحتى إذا كان «خير» صيغة تفضيل فانه تهكم ، ام تنازل : أن لو كان ما يشركون فيه خير فهل ان الله اكثر خيرا أمّا يشركون؟.