(أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) ٦٠.
سلهم هل شارك الله سواه في (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) من المادة الأم ، وخلق المادة الأم لا من شيء ، ثم (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً) ولم يكن في الأرض ماء «فأنبتنا» انتقالة لطيفة حفيفة من الغياب إلى الحضور تدليلا ضمنيا انه هو الذي خلق ما خلق وأنزل ما أنزل وأنبت ما أنبت (حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ) من غابات ام بساتين صناعية فان الإنبات ككل هو من صنيع الله و (ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها) بحولكم وقوتكم ، وإنما لكم تهيئة الوسائل والظروف لنباتها ثم المنبت هو الله ، وكما الخالق لكم ولهذه الوسائل واختيارها والتوسل بها هو الله «ء إله» إذا «مع الله» يشاركه في الخلق والتدبير؟ لا (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) شركائهم بالله «كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا و (خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً) فيعدلون بالمآل عن الله إلى سواه تأليها له دون الله ، ان يعبدونه دون الله ، ويستشفعونه دون الله ، تنزلا عن توحيده إلى الإشراك به وإلى توحيد غيره ، وكأن الله لا دور له في خلق ولا تدبير.
فالفطرة تصرخ ، والبداهة العقلية تصرح ، والكائنات تصارح أن لا إله إلّا الله في خلق ولا تدبير ، فليعبد هولا سواه ، (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ)!.
انظروا إلى (حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ) حيث تبهج الفطر والعقول والحواس ، وان تلوين زهرة واحدة من أزهارها يعجز عنه كل رجال الفنون ، بل والحيطة بأسرارها في تموّج ألوانها وتداخل خطوطها وتنظيم وريقاتها ، مما تتقاصر وتتضاءل دونه العباقرة في الفيزيولوجية النباتية ، فضلا عن الحياة النامية في