الذوات هي متعلقة الكون والكيان بالله ، شعرت أصحابها أم لم تشعر ، أرادت أم لم ترد ، اعتقدت أم لم تعتقد ، فهي إذا دائبة الدعاء ذاتيا و «إذا» هي دعاء أحياني باختيار.
والمهم في مثلث الدعاء هو دعاء الحال علما واعتقادا ، ثم الدعاء بالأعمال التي تبرز ان صاحبها يدعو الله ، ثم بالقال ، كإذاعة عن الحال والأعمال ، فالداعي بقاله دون حاله وأعماله خاو في دعاءه مستهزء ، والداعي بقاله وأعماله دون حاله منافق ، والداعي بحاله دون اعماله قليل الايمان ، والتارك لذلك المثلث كله لا ايمان له ، والجامع بين الثلاثة هو كامل الايمان ، والتارك قاله زائدا في حاله واعماله هو أحيانا في قمة الدعاء ، ولكن الضابطة العامة في الدعاء ضم القال إلى الأفعال والأحوال ليصبح الداعي كله دعاء دون إبقاء ، والمضطر بطبيعة الحال يدعو بحاله ، ام وبأفعاله وقاله ، ولكنه قد لا يستجاب لأنه خاطئ في ضره ، فكم من مضطر في غير سوء وهو يحسبه سوء ، يدعو فلا يستجاب رحمة عليه ، وكم من سيّء الحال في واقع الحال ولكنه ليس في حالة الاضطرار إذ يحسبه حسنا فلا يدعو فهل يستجاب دون دعوة؟ وكم من مضطر في أسوإ الحال ولكنه لا يدعوا الله دعوة صالحة وخالصة فلا يستجاب حيث ينقص (إِذا دَعاهُ) واما الداعي ربه مضطرا في سوء ، دعوة صالحة خالصة ، منقطعة الصلة عما سوى الله ، مطمئنا إليه لا سواه ، راجيا إياه ، فهو المستجاب كما وعد الله : «يجيب المضطر ـ ويكشف السوء ـ ويجعلكم خلفاء الأرض» إجابة عن حالة الاضطرار ، وكشفا للسوء الذي اضطره فرديا ، بل وجماعيا حيث (يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) قضاء على ضر الحكم والسلطة غير الصالحة عن بكرتها ، فلا تعني خلافة الأرض هنا ما قد تعنيه (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) (٦ : ١٦٥) وهي خلافة السكن الحيوية بعد الذين ضلوا ، فانها حاصلة