محّض الإيمان محضا ، ثم كامل العذاب يوم البرزخ ، وإلى أكمله في الأخرى ، و «عسى» هي بأحرى للأوّل ، دون الثلاثة الأخرى فانها محتومة.
وكيف (عَسى أَنْ يَكُونَ ..) والله لا يرتجى شكا وممن يترجّى؟ «قل» هنا يحول ترجي «عسى» إلى ساحة الرسالة ، أنه يرجوا ردفه لهم هنا بما يتطلبون ويستحقون ، والعلم عند الله ، فالموقف الرسالي في هذه المقالة هو موقف الرجاء ، وليس الله ليترجّى!.
ثم من واجهة أخرى قد تعني «عسى» هنا تنازلا أمام المشركين الناكرين الوعد وتحقيقه بحق الكافرين ، حيث الرسول موقن انهم سوف يعذبون بعد الموت ، ولكنه غير موقن بعذاب قبل الموت إلّا ان يعده ربه.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ ٧٤ وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ٧٥.
علّهم خيل إليهم ان الله لا يعلم ما تكنه صدورهم ، إظهارا لخلاف المكنون فيها ، فلا يعجل لهم العذاب ردفا لهم لوعده قبل الآخرة ، إذ لا يعلم أسرارهم ، ولكنه إمهال وإملال عن علم ، فضلا لمن يتنبه امتحانا ، وتأجيلا لسواه امتهانا ، وأن الآخرة هي دار الجزاء (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ) فضلا عما يعلنون (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ ..).
وليس فحسب (لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ) أولاء ، بل (وَما مِنْ غائِبَةٍ .. إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) وهو العلم المكنون لدى الله.
وعلّ «غائبة» هي المبالغة بتائها كالبصيرة والعلامة ، فأغيب الغيب في الكون كله هو (فِي كِتابٍ مُبِينٍ) علما وقدرة ، فضلا عن سائر الغيب ، ام