كلمة العذاب وكما تأتي بهذه الصيغة في آيات عدة ، أيا كان العذاب في الأولى كما هنا وفي الأخرى كما في سواها ، ومنه سائر القول كوعد الرجعة إلى الحياة الدنيا ليذوقوا فيها عذابا قبل الأخرى ، وهو المقصود هنا إذ لو كان واقع العذاب فلا مستمع منهم لقالة دابة الأرض.
(أَخْرَجْنا لَهُمْ) أولاء ككل ودون إبقاء (دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ ...) تكلمهم أولاء الموجودين زمن إخراج الدابة ولمّا يرجع الراجعون يوم الرجعة ، لأنها يوم حشرهم عن بكرتهم في مثلث الزمان ولمّا يأت ، فانه يوم آخر للقول هو يوم واقع العذاب بعد رجوعهم كلهم : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ..).
فالحملة الأولى لخطاب الإنذار التنديد من الدابة هم الأحياء زمن إخراجها ، والموجّه إليهم ذلك الخطاب ـ وهؤلاء الأولون يحملونه ـ هم كل المكذبين بآيات الله الراجعون يوم الرجعة.
وما هي دابة الأرض هذه التي تكلّمهم بلغة الإنسان؟ هي (دَابَّةُ الْأَرْضِ) أيا كان من الحيوان الدابة ، فليس من ملائكة الله ولا الطير ، ولا من أولياء الله ، حيث الدابة ليست تعبيرا لائقا بهم في أدب القرآن الذين يخاطب أدني المؤمنين بالذين آمنوا فكيف يعبر عن اكبر أولياء الله بعد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ب (دَابَّةُ الْأَرْضِ)؟ كما في مختلقات مروية عندنا أنها الإمام امير المؤمنين علي (عليه السلام) (١)!!!
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٩٨ في تفسير القمي في الآية حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : انتهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) إلى امير المؤمنين (عليه السلام) وهو قائم في المسجد قد جمع رملا ووضع رأسه عليه فحركه برجله ثم قال : قم يا دابة الأرض ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ـ