(وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) ٨٧.
الصور هو الناقور حيث ينفخ فيه مرة للإماتة واخرى للإحياء ، وليس جمع الصورة لمكان ضميره المفرد في آية الزمر : (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى).
وتراها هنا الأولى؟ (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) لا تلائمها! أم هي الثانية؟ وقد لا تناسبها (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ)! وكذلك (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) الظاهرة في حياتهم دنيويا أو برزخيا ، ثم في الأولى الصعقة وليست فقط الفزعة : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (٣٩ : ٦٨).
قد تعني النفخة هنا المرتين لمكان الإشارتين ، فالفزعة في الأولى تشملها والصعقة والموتة ، وفي الثانية فزعة الإحياء لأنهما بعد فزعة الموت ، ثم الفزعة يوم القيامة شاملة حيث يحشرون إلّا (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ)(٨٩).
ف (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) في الصعقة للنفخة الأولى ، هم أخص «ممن شاء الله» في الفزعة للنفخة الثانية ، فالسابقون والمقربون أو وجمع من اصحاب اليمين لا يصعقون في الأولى لا موتا عن الحياة البرزخية ولا دون الموت من صعقة ، وكما لا يفزعون ، والباقون يصعقون موتا ام دونه ، ثم وفي الثانية يفزع المحشورون إلّا من جاء بالحسنة وهم أعم منهم بكثير حيث تشمل كل الصالحين على درجاتهم (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ).
ثم في الثانية (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) صاغرين ، مهما اختلف صغار الآمنين عن غير الآمنين ، فالآمنون صاغرون هناك كما هنا أمام العظمة الربانية بذلّ العبودية وصغارها امام المعبود ، وغيرهم صاغرون أذلّاء مهتكون