رجوع البصر وقياس بعضها إلى بعض ، فهي متحركة يحسب انها جامدة كما كانت الأرض محسوبة على جمود ، ومن حراك الجبال ان قسما منها تتنقل من قواعدها إلى اخرى خلال ردح بعيد من الزمن كما كشف عنها علم معرفة الأرض.
وقد يقرب عناية الحركة الأرضية من الآية (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) فمرور الجبال مرّ السحاب من الصنع المتقن للأرض في حركاتها المعتدلة المتعدّلة.
أم تعني الرؤية يوم قيامة الإماتة : (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) إذ حفّت الآية بآيات القيامة؟ وترى كيف يراها الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) ـ فيمن يرى ـ جامدة ، وكل ناظر يرى حراكها؟
قد يحسبها حينذاك جامدة لأن حراكها لا تزعجه فإنه ممن شاء الله فلا ينصعق بالصعقة ولا ينفرع بالفزعة ، مشغولا بنفسه في ضيافة ربه ، ام ان «ترى» هنا تختص بغيره حيث (تَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) (٢٢ : ٢) فلا يشعرون حركات الجبال المسيّرة يوم القيامة لأنهم في شغل عنها إلى ما هو أفزع منها كزلزال الأرض.
أترى كيف تناسبها القيامة وهي يوم التدمير ، وتلك (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)؟ إن التدمير كما التعمير من الله إتقان من صنع الله ، لا سيما وان بعده تعمير الدار الآخرة ، فليس التدمير منه خلاف صنعه المتقن.
وقد تجمع الرؤية النشأتين ، في الأولى وفي الأخرى أيا كان الرائي ، ولكلّ كما يناسبه ، فالأرض هي راجفة على طول الخط ، قبل ذلها وبعده ، في قيامة الإماتة والإحياء و (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً) (٦٧ : ١٥) تدل على حركتها المضطربة قبل ذلها ، ثم المعتدلة بذلها : «وعدل حركاتها