يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً. فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً) (٤ : ٩٩) فمن لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلا كيف يصبح من أئمة المؤمنين؟
انهم هم المظلومون تحت أنيار الظلامات والظلمات ، حيث يتبلور ايمانهم وتقوى هداهم وتقواهم ، مهما اختلفت درجاتهم ومن أدناهم القاصرون ، فالأئمة منهم هم القادة الهداة الى الله.
وكما الإمامة والوراثة للمستضعفين درجات حسب القابليات والمعطيات ، كذلك أرض التمكين لهم درجات ، من أرض مصر أو ما والاها للأئمة الإسرائيليين ، امّا هيه من أرض بعدها ، ومن كل الأرض كما في دولة الامام المهدي عجّل الله تعالى فرجه.
وقد دلت أية النور على ذلك التمكين المكين ، الرصين الأمين (... وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ..).
وهم الورثة والذين يعيشون تحت إمرتهم أولاء ، وقد جمعت بينهما آية الأنبياء (١) والنور (٢) : أن ارادة المن المستمرة لهؤلاء المستضعفين تتمحور قواعد اربع هي (وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً) وهم الرعيل الأعلى منهم (وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) وهي تجمع المأمومين الى هؤلاء الأئمة ، كما (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) حيث يرى كل فراعنة التاريخ وجنودهم من هؤلاء الأكارم «ما كانوا» هؤلاء الأنكاد «يحذرون» منهم ، وترى كيف يولد موسى وعيون المراقبات الفرعونية ترقب الحوامل ،
__________________
(١) «وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...»
(٢) «وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ».