عطشا ، فكانوا ناظرين إلى مرضع يقبله ، فجاءت أخته فيمن جئن حسب الطلب ، للإدلاء إلى من ترضعه «قالت» متسائلة لصالحهم ، متنكرة (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ) كفالة الرضاعة وسواها ، لا فحسب بل (وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) كما يناسب لقيط البلاط وقرة عين فرعون وزوجه. وبطبيعة الحال هم يقبلون ويقبلون إلى أهل بيت يكفلونه في بعدي الكفالة اللائقة المرغوبة المرموقة ، وطبعا بجعل على الكفالة «.. ترضع ولدها وتأخذ أجرها» (١) ، وتراهم كيف لم يتفطنوا بما قالت انها على معرفة بمن يناسب تلك الكفالة ، فيفتشوا عن مصدره ومورده علّه أهل بيت موسى نفسه؟
لقد أعماهم الله عن ذلك وهم في حالة محرجة مخرجة لهم عن كل هم إلّا الحصول على من يكفله ، وأخيرا :
(فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ١٣.
لقد ارتدت اللقطة إلى أمه الملهوفة ، بارادة الله ، ل (كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها) بحضانته «ولا تحزن» لفراقه (وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) بعد ما ربط الله على قلبها ووعدها من قبل أن يرده إليها (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) حقّ الوعد والوعد الحق من الله للأولى أو الأخرى ، و «لا يعلمون» هذا يعني
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٢٣ ـ اخرج ابو داود في الراسيل عن جبير بن نفير قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) مثل الذين يغزون من امتي ويأخذون الجعل يعني يتقون على عدوهم مثل ام موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها.
وفي البحار ١٣ : ٢٧ قال الراوي قلت لأبي جعفر (عليه السلام) فكم مكث موسى غائبا عن امه حتى رده الله عليها؟ قال : ثلاثة ايام.