هنا اطمأنت أم موسى عن فراغ فؤادها ، متأكدة أنه آمن في البلاط ، ولكنها راجية بعد رجوعه لترضعه كما وعد الله ، وكان كما رجت :
(وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) ١٢.
ما كانت الخطوة الأولى إلّا للحفاظ على حياة موسى وكونه ، ثم إلى الخطوة الثانية لحيويته وكيانه ، إذ لا يصلح أن يرتضع من أية مرضعة ولا سيما القبطيات المشركات (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ) حرمة تشريعية وتكوينية ، وهو الله تعالى المتكفل لإبعاده عن المراضع إلّا أمه ، وهو الملهم له ألّا يرتضع من أية مرضعة إلّا أمه فكان كما أراد الله وارتضاه.
و «المراضع» جمع مرضع وقد يجمع هنا المصدر ومكان الرضعة وزمانها ، فمكانها هو الثدي فلا يقبل أي ثدي ، وزمانها زمان الحاجة إلى الرضاع ، والحرمة حلقت على كل زمان وكل مكان للرضعة ، وحتى إذا أخذ لبن من مرضعة حتى يشربه دون مرضعة فكذلك الأمر ، حيث التحريم شامل للرضعة بأصلها وزمانها ومكانها.
و «من قبل» قد تعني من قبل اقتراح أختها ، وأخذهم إياه من اليم ، ومن قبل ولادته وانعقاد نطفته ، حيث المراضع غير الصالحة لا تناسب الرسالة الصالحة ، (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) لا تتناسب الرضعة الطالحة «فقالت ...».
هنا فجوة بين القصة ، وطبعا هي انه لم يقبل اي مرضع وكان جائعا
__________________
ـ اخرج الطبراني وابن عساكر عن أبي امامة قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): ما شعرت ان الله زوجني مريم بنت عمران وكلثوم اخت موسى وامرأة فرعون فقلت : هنيئا لك يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم).