الخطاء فيما فعله موسى ولم يخطأ رسول الهدى (صلّى الله عليه وآله وسلم)! ولو لا ذلك القتل الخاطئ دونما تقصّد لم يضطر موسى (عليه السلام) إلى الفرار ، ولا تأخرت رسالته عشر سنين.
والغفر في خلفية القتل كان عاجلا في الذب عن قتله ، وآجلا في بداية رسالته بعد ذلك الردح البعيد من الزمن (ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى) (٢٠ : ٤٠).
(قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) ١٧.
وقد تعني هذه النعمة اضافة الى نعمة النبوءة والايمان نعمة الذب عن قتله والغفران ، والقوة الدفاعية القاضية على عدوّ له ، و «لن» تحيل باختياره ان يكون ظهيرا للمجرمين ، كما لم يكن ظهيرا لهم وهو يعيش في قصر الإجرام ، ثم لما رأى قتالا بين عدو له وشيعة نصر شيعته على عدوه مهما اخطأ في قتله ، حيث الظروف ما كانت تساعد على ذلك القتل ـ مهما كان مسموحا في أصله (١) ـ إذ خلّف الفرار عن مسرح الدعوة ، وخوفة الانتقام في فترة من الزمن بعيدة ، وليس يعني الذي من شيعته فيمن يعنيه «المجرمين» إذ بطش مرة ثانية لتخليصه وهذه مظاهرة ، مهما كان من المجرمين من أوقع غيره في جرم أو من أدت إعانته إلى جرم ، إذ لم تكن وكزته جرما حيث لم يقصد قتله ، وانما قصد تخليص الذي من شيعته ، كما ولم تكن المقاتلة من ناحية المؤمن قصدا إلى إدخال موسى في الجرم!.
وهنا ندرس ان وكزة الدفاع مقصورة على قدر الدفاع حتى مع الكافرين
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٢٢ ـ أخرج احمد في الزهد عن وهب قال قال الله عز وجل بعزتي يا ابن عمران لو أن هذه النفس التي وكزت فقتلت اعترفت لي ساعة من ليل أو نهار بأني لها خالق لأذقتك فيها طعم العذاب ولكن عفوت عنك في أمرها أنها لم تعترف لي ساعة من ليل أو نهار إني لها خالق أو رازق.