أم يعني «هذا» الذي «من عدوه» أنه من عمل الشيطان كما قال الله لنوح عن ابنه (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ)(إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) يعمل أشياعا له كهذا العدو ، ثم يحملهم على عمله؟ أم ان «هذا» يعنيهما ، هذا العدو وعمله ، وما أجمله جمعا ، وهما مما أجّلا الرسالة الموسوية ، معجّلا له ارادة القتل (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) وتراه إذا لم يكن عمله من عمل الشيطان فكيف يستغفر ربه فيه بما ظلم :
(قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ١٦.
«نفسي» هنا دون غيري مما يذود عن ساحته القتل ظلما ، فانما يعني بظلمه نفسه هنا الانتقاص غير القاصد بقتل الذي من عدوه في نصرة الذي من شيعته ، إذ خلّف ملاحقته الشديدة من قبل السلطة الفرعونية ، فقتلا له بقتله أو تأخيرا لرسالته الموعودة ، فطالما الظلم هنا لا يعني التعدي الى غيره ، كذلك لا يعني في انتقاص نفسه انه كان قاصدا فيه ، فطلب من ربه الغفر الكامل والستر الشامل عما يرصده من قتل «فغفر له» فدفع كيد فرعون ثم أرسله اليه بعد ردح من زمن رحلته إلى مدين.
فالغفر لموسى (عليه السلام) كما الغفر لرسول الهدى في الفتح (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) مهما كان بينهما بون من ناحية اخرى هي
__________________
ـ وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) قال الرضا (عليه السلام) إن فرعون قال لموسى (عليه السلام) لما أتاه (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) بي قال موسى (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) عن الطريق بوقوعي إلى مدينة من مدائنك» (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) ..(عن الاحتجاج ٢٣٤ وعيون الأخبار ١١٠).
أقول : هو من شيعته اختلاق كما يأتي ، كما لأؤدبنك.