يقع ف (قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) ، أتراه يشير ب «هذا» إلى عمله؟ وكيف يكون عمل موسى ـ الذي أتاه الله حكما وعلما بإحسانه ـ من عمل الشيطان!
لا ريب أن دفاعه عن الذي من شيعته بوكزته كان قضية الايمان ومن عمل الرحمن ، وحاشاه ان ينسبه الى الشيطان ، فقد «يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى من قتله» (١) بوكزه دون تقصّد لقتله.
__________________
(١) بحار الأنوار ١٣ : ٣٢ ج ، ن في خبر ابن الجهم قال سأل المأمون الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز وجل (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) قال الرضا (عليه السلام) : إن موسى (عليه السلام) دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها وذلك بين المغرب والعشاء فوجد فيها رجلين ... فقضى موسى (عليه السلام) على العدو بحكم الله تعالى ذكره فوكزه فمات قال : هذا من عمل الشيطان ، يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى (عليه السلام) من قتله ، إنه : يعني الشيطان ، (عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ).
قال المأمون : فما معنى قول موسى : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي)؟ قال : يقول : إني وضعت نفسي غير موضعها بدخولي هذه المدينة (فَاغْفِرْ لِي) أى استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني (فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ، قال موسى : (رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) فن القوة حتى قتلت رجلا بوكزة (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) بل أجاهد في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى «فأصبح» موسى (عليه السلام) (فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) على آخر (قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) قاتلت رجلا بالأمس وتقاتل هذا اليوم ، لأودينك وأراد أن يبطش به. (فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما) وهو من شيعته قال يا موسى أتريد ان تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ان تريد إلا ان تكون جبارا في الأرض وما تريد ان تكون من المصلحين.
قال المأمون جزاك الله خيرا يا أبا الحسن فما معنى قول موسى لفرعون (فَعَلْتُها إِذاً