الصَّالِحِينَ (٢٧) قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) (٢٨)
«مدين» هي مدينة شعيب ، المرسل إلى أهله : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) (٧ : ٨٥) وقد جاء ذكرها عشر مرات في الذكر الحكيم ، وهي واقعة تجاه تبوك على بحر القلزم ، بينهما ست مراحل ، وهي اكبر من تبوك ، وبها البئر التي استقى منها موسى لغنم شعيب عليهما السلام ، وبينهما وبين مصر مسيرة ثمان وقد كانت خارجة من سلطان فرعون.
(وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) ٢٢.
تلقاء الشيء حذاءه وقباله حيث يلقى به ، من «لقى تلقية وتلقاء» ولكنه لقاء من بعيد يوصل إلى لقاء القريب ، فقد خرج من المدينة متوجها تلقاء مدين فريدا طريدا خائفا يترقب الفرج ، منزعجا بنذارة الرجل من أقصى المدينة دون تزود بزاد ولا ترحّل براحله ، راحلته رجلاه ، وزاده ترجي هدى الله (قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) إلى مدين واردا سليما وإلى المدينة راجعا رسولا منذرا ، وبينهما السبيل إلى تشكيل العائلة.
فهنا نجد موسى بعد ردح من عمره منذ ولادته حتى رجولته في نعومة العيش في البلاط ، نجده في قلب المخافة ، يطارده فرعون وملأه ، لينالوا منه
__________________
ـ الزبير لئلا يلحق الطلب ، فقال : لا والله لا أفارقه حتى يقضي الله ما هو قاض ، ولما دخل الحسين (عليه السلام) مكة كان دخوله إليها ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان دخلها وهو يقول : (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ).