صغراهما وقضى أوفاهما» (١).
وبالفعل (قَضى مُوسَى الْأَجَلَ) ومضى ما مضى حيث أمضاه ، ولا إشارة هنا إلى كيف مضت العشر إذ لا تدخل في صميم القصص الرسالي ، مهما أجمله في (ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى) مما يلمّح إلى الصالح الرسالي المستقبل في هذه العشر العشيرة مع الأهل ، (وَسارَ بِأَهْلِهِ) مسيره المترقّب المعهود إلى مصر (آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً ..) وقد شرحناه في طه والنمل فلا نعيد إلّا ما أعيد هنا تكرارا يناسب تفصيل القصص ، و «اهله» هنا هم زوجته وولده (٢) وهم ذكور أو بينهم ذكور لمكان الجمع المذكر «امكثوا».
مسير الإياب هنا هو مسير الذهاب نفسه واين مسير من مسير ، فهناك كان فريدا شريدا خائفا يترقب ، وهنا (سارَ بِأَهْلِهِ) مستأنسا بهم وبالنار التي آنسها من جانب الطور وارفا يتأهب ، ليناديه به ويناجيه بما ينجيه وسائر المستضعفين فيرثوا الأرض (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ)!
(فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) ٣٠.
وهذه إجمال عما فصل في «طه» : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) مما يلمح أن هذه الأصول الثلاثة مستفادة من كلمة التوحيد بإجمال.
__________________
(١). تفسير الفخر الرازي ٢٤ : ٢٢٤ ـ اعلم انه روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) انه قال : ...
(٢). في سفر الخروج من التوراة ٤ : ٢٠ ـ انه حمل معه إلى مصر امرأته وبنيه.