وأما محل ذلك النداء فهو (مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ) وهو الجانب الأيمن الجامع ليمين الجانب ويمنه (فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ) وهي التي كانت فيها الشجرة ، بوركت ببركة الوحي وقدّست : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) (٢٠ : ١٢) ـ «نودي ...» وهذا هو جانب الطور الأيمن : (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) (١٩ : ٥٢) فليس إلّا مكان الطور (١) في القدس دون سواه ، كربلاء (٢) وسواها ، فقد جاء يقتبس نارا فاقتبس بديلها نورا «من الشجرة» فلقد كان صوت النداء من سمت الشجرة وهي الزيتونة ، لا شرقية ولا غربية ، بل هي الشرق الأوسطية ، حيث الوحي الرباني لا ينحاز إلى شرق أو غرب ، بل هو الوسط الرباني المحلّق على مشارق الكون ومغاربه من امكنة المرسل إليهم.
وهنا الشجرة ليست إلّا وسيط الوحي بحجابها ، لا أن الله حل فيها كما لا يحل في سائر حجب الوحي ووسائطه : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) (٤٢ : ٥١).
ف «وحيا» هنا يعنيه دون أي حجاب كما حصل للرسول الأقدس محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) ليلة القدر وليلة المعراج أماهيه من نهار أو ليلة ، و (مِنْ وَراءِ حِجابٍ) يعني كل حجب الوحي ، كلاما في منام أم بواسطة ملك الوحي أم شجرة أمّاهيه ، فالوحي إلى موسى يحمل حجابين اثنين :
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ١٢٧ عن المجمع روى ابو بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ) نحو البيت المقدس اخطأ الطريق فرأى نارا ..
(٢) المصدر (١٢٦) عن تهذيب الأحكام بسند متصل عن مخرمة بن ربعي قال قال ابو عبد الله (عليه السلام) شاطئ الوادي الأيمن الذي ذكره الله في القرآن هو الفرات والبقعة المباركة هي كربلاء.