(وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) ٣١.
(نُودِيَ .. أَنْ يا مُوسى .. وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ) إلقاء الإلغاء حيث كانت متكاك ، عساك ان تأتي فرعون وملأه ببرهان مبين ، فألقاها فأصبحت كأنها جان (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ) تتلوّى على كبرها ، وكأنها حية صغيرة تجن نفسها وتخفيها «ولّى» موسى خوفة منها (وَلَمْ يُعَقِّبْ) ليراها مرة اخرى ، فقلنا (يا مُوسى أَقْبِلْ) إليها «ولا تخف» منها (إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) عندنا ، لا يصيبك منّا أية أذى ف (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ. إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢٧ : ١١).
ومهما ظلمت أنت نفسك بما قتلت القبطي خطأ ولكنك بدلت حسنا بعد سوء ، من حسن التوبة ، وحسن الغربة أجيرا في مدين (ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى) (٢٠ : ٤٠) ، فهنا «لا تخف» في مقام الخوف المتعوّد ل (إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) وأما في مقام الأمن فيقال : «خف» عن زهوة الأمن وزهرة حياة الأمن وكل في محلّه فلكلّ مجال حال.
(اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) ٣٢.
(اسْلُكْ يَدَكَ ..) تعني : (أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) (١٢ : ٢٧) و (اضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى) (٢٠ : ٢٢) فقد كان إدخالا خاصا بضمّ إلى جناحه وسلك فيه وهو النافذ الراكز ، تعابير ثلاثة عن ذلك الإدخال ، وكيف هنا (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ) وفي طه (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ)؟ (٢٢) إن جناح طه هو الجيب هنا المسلكة يده فيه وهو تحت إبط اليسرى ، والجناح هنا هو اليد اليمني التي